الخميس، 21 أغسطس 2008

روشتة دكتور

كانت الأسرة مجتمعة أمام التلفاز فى إحدى الليالى الباردة ..و العيون معلقة على الشاشة و كل قلب فى وادى بعيد..و لم يلتفت أحد إلى الابنة الصغرى التى كانت تجلس منزوية فى أحد الأركان، ترتجف بشدة و كأنها على وشك الموت..و لا سمع أحد أيضا الكلمات التى كانت تمتم بها لنفسها..
و ظلت الأسرة على نفس الوضع،و لم ينتبهوا إلى حال ابنتهم إلا عندما وجدوها أمامهم ،و قد غيرت ثيابها و تبلغهم بأنها ستخرج الآن..و لم تفلح محاولاتهم باقناعها عن العدول عن هذه الفكرة السخيفة -من وجهة نظرهم-.
انطلقت الفتاة مسرعة من البيت ، وبعد نصف ساعة كانت قد وصلت إلى مبتغاها "عيادة الطبيب"...لقد كانت تفكر فى هذه الفكرة منذ زمن طويل ،و بالرغم من خوفها من ألا تجد العلاج عند الطبيب إلا أنها قررت ان تنال شرف المحاولة لعل المحاولة تنجح و تشفى مما هى فيه..
فى العيادة جلست الفتاة تتأمل وجوه الناس التى تمتلىء بالترقب للنتائج ،و تنم عن إجهاد شديد..و.بعد فترة دخلت الفتاة إلى غرفة الكشف و قبل أن يسأل الطبيب السؤال المعتاد:مما تشتكين؟ ..
بادرت الفتاة بالكلام قائلة: سوف أحكى لك عن كل شىء بصراحة و لكن طلبى الوحيد أن تسمعنى و لا تنظر لى و كأننى مجنونة..
فقال لها الطبيب: إنه عملى أن أستمع لك و أحاول مساعدتك..مما تشتكين؟؟
بدأت الفتاة تشرح كل الأعراض التى تشعر بها فقالت: عندى ارتفاع شديد فى منسوب اليأس فى دمى ..كما أنى اعانى من "زغللة" فى عيناى تجعلنى أرى الحباة سوداء من حولى..ذلك بالإضافة إلى ألم مبرح فى القلب بسبب زيادة كمية الكره التى يحملها لأشياء حولى فى الواقع المحبط الذى نحياه..و لكن ما يضايقنى حقا هو توقف كل العضلات المسئولة عن الضحك لدى توقف أشبه بالشلل..و كان نتيجة ذلك وجع دائم فى وجهى بسبب العبوس طوال اليوم..
سألها الطبيب بمنتهى الهدوء: أهناك شىء آخر؟ و بالرغم من اندهاشها من رده ، و من أنه لم يتهمها بالجنون كما كانت تتوقع إلا أنها راحت تكمل له: نعم..أعانى من انخفاض حاد فى نسبة السعادة لدى مما يهددنى بأنيميا السعادة..و كذلك عندى حساسية شديدة من سؤال :ما هى أخبارك؟ و كيف أحوالك؟
و بعد أن أنهت كلامها رأته يبتسم فاستطردت الفتاة: نعم....تذكرت شىء آخر..أشعر بحالة غثيان شديدة عندما أرى اشخاصا مازالوا يبتسمون و يضحكون فى هذا العالم..ترى ما هو تشخيصك يا دكتور؟؟
أخفى الطبيب ابتسامنه عندما علم أنه تضايق مريضته و بدأ يتحدث قائلا: أنا أعرف أنك تظنين أنك غير طبيعية لتشعرى بهذا ، و لكن أحب أن أقول لك أن هذه الأعراض التى تشعرين بها يشعر بها آلاف غيرك ، و أن مرضك منتشر جدا و لكن علاجه متوفر إلى حد ما..
تسآلت الفتاة و قد ازدادت حيرة و خوف من هذا الكلام: و ما هو هذا المرض؟
أكمل الطبيب قائلا: إنه الاكتئاب يا عزيزتى..الاكتئاب الذى يجعلك تكرهين حياتك و تتمنين مماتك و تفقدين إيمانك..الاكتئاب الذى يطفىء نور النفوس فيجعلها مظلمة و كئيبة..
فسألت الفتاة طبيبها مسرعة : و ما الحل؟
رد الطبيب : سوف أكتب لك على روشتة و إن شاء الله تشفى عند اتباع المكتوب فيها..
لم ترد الفتاة و ظلت تراقب الطبيب و هو يكتب الوشتة ، و هى تسأل نفسها: أيمكن أن أشفى حقا؟ أيكون صادق ذلك الطبيب؟
و استغرقت فى تساؤلاتها فلم تلاحظ أن الروشتة تبدو أطول من المعتاد..فلم تسنح لها الفرصة ان تسأل نفسها: ما هذه الأدوية الكثيرة؟ ألهذه الدرجة المرض مستعصى؟
أخذت الفتاة الروشتة من الطبيب و شكرته، و انطلقت مسرعة إلى الصيدلية لتشترى الدواء ممنية نفسها بالشفاء السريع..وفى الصيدلية أعطت الروشتة للصيدلى..و بمجرد أن قرأ الصيدلى الروشتة حتى بدا أنه يقاوم رغبة عارمة فى الضحك و الاستهزاء بما كتب..و لكنه غاب قليلا و عاد بعلبة دواء واحدة فاندهشت الفتاة و سألت مستنكرة: ما هذا؟ نوع واحد فقط؟
فرد الصيدلى: نعم يا سيدتى..هذا هو الدواء الوحيد فى الروشتة الموجود عندى..و أظن أنك يجب أن تقرأيها بنفسك..
أخذت الفتاة الروشتة و بدأت تقرأ...فى البداية وجدت اسم الدواء الذى أحضره لها الصيدلى و بعد ذلك لم تصدق ما قراته و كان هذا هو المكتوب:
أنت تحتاجين إلى أن تتخلصى من إحساس الاكتئاب بأقصى سرعة، و الحل الوحيد أن يتحول هذا الاحساس إلى سعادة..أما عن طريق السعادة فهما طريقان..الأشخاص و الأعمال..حاولى أن تعملى ما تحبى و تعرفى من تحبين..و إليك هذه الأشياء لعلها تساعدك على السير فى طريقى السعادة
.قرص رضا بالحال يتناول بمجرد الاستيقاظ.
قرص استعداد لمغقرة الاخطاء قبل التعامل مع البشر.
معلقتين من شراب الطموح قبل الذهاب إلى العمل.
فوار منع الملل بعد ساعتان من العمل .
بخاخ برودة أعصاب قبل التعامل مع أى شخصية متوقع منها أن تصيح كثيرا و تتذمر أكثر بدون فرصة لمناقشتها..
أتمنى أن أكون قد أفدتك و ساعدتك
القصة دى موجودة على الفيس بوك و ده اللينك:

ليست هناك تعليقات:

الخميس، 21 أغسطس 2008

روشتة دكتور

كانت الأسرة مجتمعة أمام التلفاز فى إحدى الليالى الباردة ..و العيون معلقة على الشاشة و كل قلب فى وادى بعيد..و لم يلتفت أحد إلى الابنة الصغرى التى كانت تجلس منزوية فى أحد الأركان، ترتجف بشدة و كأنها على وشك الموت..و لا سمع أحد أيضا الكلمات التى كانت تمتم بها لنفسها..
و ظلت الأسرة على نفس الوضع،و لم ينتبهوا إلى حال ابنتهم إلا عندما وجدوها أمامهم ،و قد غيرت ثيابها و تبلغهم بأنها ستخرج الآن..و لم تفلح محاولاتهم باقناعها عن العدول عن هذه الفكرة السخيفة -من وجهة نظرهم-.
انطلقت الفتاة مسرعة من البيت ، وبعد نصف ساعة كانت قد وصلت إلى مبتغاها "عيادة الطبيب"...لقد كانت تفكر فى هذه الفكرة منذ زمن طويل ،و بالرغم من خوفها من ألا تجد العلاج عند الطبيب إلا أنها قررت ان تنال شرف المحاولة لعل المحاولة تنجح و تشفى مما هى فيه..
فى العيادة جلست الفتاة تتأمل وجوه الناس التى تمتلىء بالترقب للنتائج ،و تنم عن إجهاد شديد..و.بعد فترة دخلت الفتاة إلى غرفة الكشف و قبل أن يسأل الطبيب السؤال المعتاد:مما تشتكين؟ ..
بادرت الفتاة بالكلام قائلة: سوف أحكى لك عن كل شىء بصراحة و لكن طلبى الوحيد أن تسمعنى و لا تنظر لى و كأننى مجنونة..
فقال لها الطبيب: إنه عملى أن أستمع لك و أحاول مساعدتك..مما تشتكين؟؟
بدأت الفتاة تشرح كل الأعراض التى تشعر بها فقالت: عندى ارتفاع شديد فى منسوب اليأس فى دمى ..كما أنى اعانى من "زغللة" فى عيناى تجعلنى أرى الحباة سوداء من حولى..ذلك بالإضافة إلى ألم مبرح فى القلب بسبب زيادة كمية الكره التى يحملها لأشياء حولى فى الواقع المحبط الذى نحياه..و لكن ما يضايقنى حقا هو توقف كل العضلات المسئولة عن الضحك لدى توقف أشبه بالشلل..و كان نتيجة ذلك وجع دائم فى وجهى بسبب العبوس طوال اليوم..
سألها الطبيب بمنتهى الهدوء: أهناك شىء آخر؟ و بالرغم من اندهاشها من رده ، و من أنه لم يتهمها بالجنون كما كانت تتوقع إلا أنها راحت تكمل له: نعم..أعانى من انخفاض حاد فى نسبة السعادة لدى مما يهددنى بأنيميا السعادة..و كذلك عندى حساسية شديدة من سؤال :ما هى أخبارك؟ و كيف أحوالك؟
و بعد أن أنهت كلامها رأته يبتسم فاستطردت الفتاة: نعم....تذكرت شىء آخر..أشعر بحالة غثيان شديدة عندما أرى اشخاصا مازالوا يبتسمون و يضحكون فى هذا العالم..ترى ما هو تشخيصك يا دكتور؟؟
أخفى الطبيب ابتسامنه عندما علم أنه تضايق مريضته و بدأ يتحدث قائلا: أنا أعرف أنك تظنين أنك غير طبيعية لتشعرى بهذا ، و لكن أحب أن أقول لك أن هذه الأعراض التى تشعرين بها يشعر بها آلاف غيرك ، و أن مرضك منتشر جدا و لكن علاجه متوفر إلى حد ما..
تسآلت الفتاة و قد ازدادت حيرة و خوف من هذا الكلام: و ما هو هذا المرض؟
أكمل الطبيب قائلا: إنه الاكتئاب يا عزيزتى..الاكتئاب الذى يجعلك تكرهين حياتك و تتمنين مماتك و تفقدين إيمانك..الاكتئاب الذى يطفىء نور النفوس فيجعلها مظلمة و كئيبة..
فسألت الفتاة طبيبها مسرعة : و ما الحل؟
رد الطبيب : سوف أكتب لك على روشتة و إن شاء الله تشفى عند اتباع المكتوب فيها..
لم ترد الفتاة و ظلت تراقب الطبيب و هو يكتب الوشتة ، و هى تسأل نفسها: أيمكن أن أشفى حقا؟ أيكون صادق ذلك الطبيب؟
و استغرقت فى تساؤلاتها فلم تلاحظ أن الروشتة تبدو أطول من المعتاد..فلم تسنح لها الفرصة ان تسأل نفسها: ما هذه الأدوية الكثيرة؟ ألهذه الدرجة المرض مستعصى؟
أخذت الفتاة الروشتة من الطبيب و شكرته، و انطلقت مسرعة إلى الصيدلية لتشترى الدواء ممنية نفسها بالشفاء السريع..وفى الصيدلية أعطت الروشتة للصيدلى..و بمجرد أن قرأ الصيدلى الروشتة حتى بدا أنه يقاوم رغبة عارمة فى الضحك و الاستهزاء بما كتب..و لكنه غاب قليلا و عاد بعلبة دواء واحدة فاندهشت الفتاة و سألت مستنكرة: ما هذا؟ نوع واحد فقط؟
فرد الصيدلى: نعم يا سيدتى..هذا هو الدواء الوحيد فى الروشتة الموجود عندى..و أظن أنك يجب أن تقرأيها بنفسك..
أخذت الفتاة الروشتة و بدأت تقرأ...فى البداية وجدت اسم الدواء الذى أحضره لها الصيدلى و بعد ذلك لم تصدق ما قراته و كان هذا هو المكتوب:
أنت تحتاجين إلى أن تتخلصى من إحساس الاكتئاب بأقصى سرعة، و الحل الوحيد أن يتحول هذا الاحساس إلى سعادة..أما عن طريق السعادة فهما طريقان..الأشخاص و الأعمال..حاولى أن تعملى ما تحبى و تعرفى من تحبين..و إليك هذه الأشياء لعلها تساعدك على السير فى طريقى السعادة
.قرص رضا بالحال يتناول بمجرد الاستيقاظ.
قرص استعداد لمغقرة الاخطاء قبل التعامل مع البشر.
معلقتين من شراب الطموح قبل الذهاب إلى العمل.
فوار منع الملل بعد ساعتان من العمل .
بخاخ برودة أعصاب قبل التعامل مع أى شخصية متوقع منها أن تصيح كثيرا و تتذمر أكثر بدون فرصة لمناقشتها..
أتمنى أن أكون قد أفدتك و ساعدتك
القصة دى موجودة على الفيس بوك و ده اللينك:

ليست هناك تعليقات: