الأحد، 7 سبتمبر 2008

عائد من الغيبوبة (4)

فى اليوم التالى و بمجرد استيقاظ أحمد من النوم، قام يهرول خارجا من غرفته مفزوعا حتى أنه كاد يدهس بنته فى طريقه..و لم يتوقف إلا عندما رأى النتيجة..و بمجرد أن تأكد من التاريخ و من أنه لم يمر إلا ليلة واحدة و ليست سنوات حتى أطلق صيحة ارتياح و قال لنفسه : الحمد لله..أنا لو كنت غبت عن الوعى تانى ما كنش هايكفينى عمرى كله عشان أعرف ايه اللى حصل فى الدنيا أثناء غيابى..
تخلص سريعا من الافكار السوداء و بدأ يفكر فى برنامجه اليومى..و لقد كان من حسن حظه أن اليوم كان الجمعة مما يعنى أنه مازال تفصله هذه الجمعة عن رحلة العذاب التى سيخوضها فى محاولة لاستعادة وظيفته مرة ثانية..و لن يكون مضطرا ليخوضها اليوم....
و كعادته قبل الغيبوبة أحضر الجريدة ليقرأها..فقد كانت إحدى متعه القراءة و خاصىة الجرائد..و بالنسبة له كرجل عامل لم يكن هناك أفضل من يوم الجمعة ليستمتع بقراءة الجريدة..فى الصفحة الأولى كانت هذه هى العناوين العريضة....
."أخبار العالم:
أمريكا غير راضية عن الوضع الاقتصادى بها.
الصين تعد بمزيد من الانجازات فى المستقبل حتى تعتلى عرش الأمم.
الاتحاد الأوروبى يدين بشدة الحرب الروسية الجورجية أو أى حرب يمكن أن تؤدى إلى تفكك الاتحاد الأوروبى.
أعلنت إحدى الدول الكبرى أن أحد ولاياتها أصبحت ولاية خالية من الأمية الالكترونية و تنوى أن تعمم التجربة فى بقية الولايات
لأوضاع المعلقة :
سقوط مئات الشهداء فى الأراضى الفلسطينية على أيدى قوات الاحتلال و مصر تدين ذلك بشدة."
عند قراءة هذا الخبر شعر أحمد بخيبة الامل..فالبرغم من تغير أوضاع كثيرة إلا أن للأسف الوضع الفلسطينى بقى على ما هو عليه..و لكن ما هذا الذى تراه عيناه؟..لقد أصبح هناك المزيد من الأوضاع المعلقة..و أكمل القراءة.."
أمريكا ترفض بشدة تحديد موعد لانسحابها من العراق.
أمريكا تعد أنها ستقضى على الارهاب فى افغانستان و حتى ذلك الحين ستظل القوات الأمريكية هناك إلى أجل غير مسمى..
"لا حول و لا قوة إلا بالله. ..لم يجد أحمد ما يقوله إلا هذا..إلى هذه الدرجة ساء حال المسلمين؟...و عاد مرة اخرى إلى الصحيفة..
"ركن التصريحات :
وزير التموين: نعد كل مواطن بالحصول على رغيف خبز فى القريب العاجل.
وزير الرى : فى خلال سنوات قليلة ستصل المياه إلى كل أنحاء مصر.
وزيرة القوة العاملة : الوظائف متوفرة بكثرة ، و لكن الشباب لا يقبل عليها و يصر على البطالة !!
محافظ القاهرة : القاهرة ستصبح عاصمة عالمية مبهرة و ستتخلص من كل العشوائيات بحلول عام 2050 م إن شاء الله.
"لا..هذا كثير..هكذا بدأ حدث أحمد نفسه المسكينة..يبدو أنه سيفقد عقله و هو يقرأ الجريدة فها هو يقول لنفسه :..مش ممكن..مفيش عيش و لا مية و لا شغل..و لا مكان عدل..أمال الناس عايشة أزاى؟؟..ده أنا كنت فى نعيم و أنا فى الغيبوبة بأه..و المحاليل كانت وصلالى صبح ظهر بليل..
و أخيرا لفت نظره عنوان عريض لموضوع يأخذ نصف مساحة الصفحة الأولى ..و كان هذا هو العنوان و الموضوع:
"يخوض الأبطال المصريين اليوم معركتهم الفاصلة.
اليوم هو يوم تاريخى لمصر حيث يخوض الأبطال المصريون المعركة الفاصلة ..و تتوحد قلوب جميع المصريين لتدعوا للأبطال أن ينصرهم الله فى المعركة الفاصلة..كما تتمنى أسرة الصحيفة التوفيق للأبطال و أن يتم تنفيذ خطة الهجوم على الأعداء على أكمل وجه و بنجاح ساحق.."
بعد أن قرأ هذه الكلمات بدأت معالم السعادة تظهر على أحمد ، و تتنفرج أساريره بعد أن ملأه الاحباط..و كيف لا يسعد و مصر ستحارب و تحرر إحدى البلاد الاسلامية المنكوبة؟..و أكمل سريعا المقال فى شوق ليرى أى البلاد سيتم تحريرها و مع من سنحارب؟.."
و المعركة الحاسمة اليوم مع أبطال كوت ديفوار "
ما هذا؟ هل أحتلت كوت ديفوار أحد الدول الاسلامية و هو لا يعلم؟..هل يعقل أن يحدث هذا؟..ملايين الأسئلة كانت تدور فى عقله و تنتظر الاجابة فأكمل ليعرف الاجابة.."
و تقام المعركة اليوم فى تمام الساعة التاسعة فى استاد القاهرة الدولى..و أخيرا نتمنى أن يوفق الله المنتخب المصرى لكرة القدم على نظيره الكوت ديفوارى فى هذه المبارة الهامة..."
انتهت المقالة و بعد أن انتهى من قراءتها ألقى الصحيفة على الأرض فى تقزز..و ظل يردد : كده كتير قوى..كده كتير قوى..
و بعد ساعاتان خرج ليصلى الجمعة..و بعد أن انتهت الصلاة و هو فى طريق عودته إلى البيت سمع صوت أحد الأشخاص يدعو طوال الطريق :" يا رب نجحنى..يا رب نجحنى.."
و كاد أحمد يصل إلى البيت و الصوت مازال مسموعا..فنظر ليرى من صاحب الصوت لعله يعرفه..و بالفعل كان أحد جيرانهم.. و بمجرد أن وجده أنه أحد جيرانه حتى ذهب له ليطمئن على أحواله..بعد أن تبادلوا السلام و هنأه جاره على العودة الحميدة إلى الواقع الأليم..سأله أحمد السؤال الذى يشغله :هو أنت بتحضر ماجستير و لا أيه؟
الجار : لأ..ليه بتقول كده؟- أصلى سامعك عمال تدعى أنك تنجح..
عندما سمع الجار هذا الكلام كاد يبكى و هو يقول :ياريت كان ماجستير..ده امتحان الكادر للأسف..أنا. .بعد كل الزمن ده.. امتحن..أنا مقلتش أن تجديد المعلومات وحش بس مش بالطريقة المهينة دى..بعد كل السنين اللى قضيتها فى التعليم !!..و تخيل لو سقطت هيبقى شكلى أيه قدام التلامذه؟..طب لو ..و
لم يستطع الرجل أن يكمل الكلام و كاد أن ينهار..و كانت حالته تصبح على هذا الشكل كلما يبدأ الحديث عن كادر المعلمين..و لم يستطع أحمد إلا أن يهدئه و يواسيه و يدعو له بالنجاح كما كان يفعل مع أبنائه عندما يكونوا على وشك دخول امتحان حتى وصلوا إلى العمارة ..و دخل كل منهم شقته
لينك الحلقة على الفيس بوك وآسفة على الاطالة:

هناك 8 تعليقات:

ضحكات الحياة يقول...

ههههههههههههههه
الراجل ده صعبان عليا
بس ايه جامد ربنا يوفقك ونعيش انا و انتى و نعرف الأستاذ الأحمد نهايته ايه
يا ريت العنوان بتاعه أكلمه علشان أساعده
شكراااااااااا

Rosie يقول...

تصدق و صعبان على كمان بس عامة نهايته قربت...
و إن شاء الله هانعيش و نعرف نهايته..
ياريت كنت اعرف عنوانه عشان اقولك..ههههه
شكرا لك

عايش... ولكن !!!! يقول...

انا هرجع اقرى من اول الحلقات احسن انا توهت وكمان اسلوبك حلو شدنى

Rosie يقول...

عايش و لكن
ماشى مستنياك و شكرا للتعليق و المرور

مصراوى يقول...

هااى زكل عام وانتى بخير انا اعجبنى عنوان مدونتك اوى دوامت الحياة والبس اجمل وعجبنى اوى تحياتى كل عام وانتى بخير

باجوجو يقول...

القصة شيقة جدا
وحكت الوضع الأليم بمعظم جوانبه
العالم عمال يتقدم وإحنا لست بنقول أجدادنا الفراعنة
كل سنة وانتى طيبة
تقبلى مرورى

Rosie يقول...

عالم الحب
كل عام و أنت بخير ايضا..
سعيدة أن المدونة و اسمها أعجبك..
أشكر مرورك و تعليقك...

Rosie يقول...

باجوحو
أشكرك و فعلا وضعنا أصبح أليم و إن شاء الله ينصلح الحال عن قريب..

الأحد، 7 سبتمبر 2008

عائد من الغيبوبة (4)

فى اليوم التالى و بمجرد استيقاظ أحمد من النوم، قام يهرول خارجا من غرفته مفزوعا حتى أنه كاد يدهس بنته فى طريقه..و لم يتوقف إلا عندما رأى النتيجة..و بمجرد أن تأكد من التاريخ و من أنه لم يمر إلا ليلة واحدة و ليست سنوات حتى أطلق صيحة ارتياح و قال لنفسه : الحمد لله..أنا لو كنت غبت عن الوعى تانى ما كنش هايكفينى عمرى كله عشان أعرف ايه اللى حصل فى الدنيا أثناء غيابى..
تخلص سريعا من الافكار السوداء و بدأ يفكر فى برنامجه اليومى..و لقد كان من حسن حظه أن اليوم كان الجمعة مما يعنى أنه مازال تفصله هذه الجمعة عن رحلة العذاب التى سيخوضها فى محاولة لاستعادة وظيفته مرة ثانية..و لن يكون مضطرا ليخوضها اليوم....
و كعادته قبل الغيبوبة أحضر الجريدة ليقرأها..فقد كانت إحدى متعه القراءة و خاصىة الجرائد..و بالنسبة له كرجل عامل لم يكن هناك أفضل من يوم الجمعة ليستمتع بقراءة الجريدة..فى الصفحة الأولى كانت هذه هى العناوين العريضة....
."أخبار العالم:
أمريكا غير راضية عن الوضع الاقتصادى بها.
الصين تعد بمزيد من الانجازات فى المستقبل حتى تعتلى عرش الأمم.
الاتحاد الأوروبى يدين بشدة الحرب الروسية الجورجية أو أى حرب يمكن أن تؤدى إلى تفكك الاتحاد الأوروبى.
أعلنت إحدى الدول الكبرى أن أحد ولاياتها أصبحت ولاية خالية من الأمية الالكترونية و تنوى أن تعمم التجربة فى بقية الولايات
لأوضاع المعلقة :
سقوط مئات الشهداء فى الأراضى الفلسطينية على أيدى قوات الاحتلال و مصر تدين ذلك بشدة."
عند قراءة هذا الخبر شعر أحمد بخيبة الامل..فالبرغم من تغير أوضاع كثيرة إلا أن للأسف الوضع الفلسطينى بقى على ما هو عليه..و لكن ما هذا الذى تراه عيناه؟..لقد أصبح هناك المزيد من الأوضاع المعلقة..و أكمل القراءة.."
أمريكا ترفض بشدة تحديد موعد لانسحابها من العراق.
أمريكا تعد أنها ستقضى على الارهاب فى افغانستان و حتى ذلك الحين ستظل القوات الأمريكية هناك إلى أجل غير مسمى..
"لا حول و لا قوة إلا بالله. ..لم يجد أحمد ما يقوله إلا هذا..إلى هذه الدرجة ساء حال المسلمين؟...و عاد مرة اخرى إلى الصحيفة..
"ركن التصريحات :
وزير التموين: نعد كل مواطن بالحصول على رغيف خبز فى القريب العاجل.
وزير الرى : فى خلال سنوات قليلة ستصل المياه إلى كل أنحاء مصر.
وزيرة القوة العاملة : الوظائف متوفرة بكثرة ، و لكن الشباب لا يقبل عليها و يصر على البطالة !!
محافظ القاهرة : القاهرة ستصبح عاصمة عالمية مبهرة و ستتخلص من كل العشوائيات بحلول عام 2050 م إن شاء الله.
"لا..هذا كثير..هكذا بدأ حدث أحمد نفسه المسكينة..يبدو أنه سيفقد عقله و هو يقرأ الجريدة فها هو يقول لنفسه :..مش ممكن..مفيش عيش و لا مية و لا شغل..و لا مكان عدل..أمال الناس عايشة أزاى؟؟..ده أنا كنت فى نعيم و أنا فى الغيبوبة بأه..و المحاليل كانت وصلالى صبح ظهر بليل..
و أخيرا لفت نظره عنوان عريض لموضوع يأخذ نصف مساحة الصفحة الأولى ..و كان هذا هو العنوان و الموضوع:
"يخوض الأبطال المصريين اليوم معركتهم الفاصلة.
اليوم هو يوم تاريخى لمصر حيث يخوض الأبطال المصريون المعركة الفاصلة ..و تتوحد قلوب جميع المصريين لتدعوا للأبطال أن ينصرهم الله فى المعركة الفاصلة..كما تتمنى أسرة الصحيفة التوفيق للأبطال و أن يتم تنفيذ خطة الهجوم على الأعداء على أكمل وجه و بنجاح ساحق.."
بعد أن قرأ هذه الكلمات بدأت معالم السعادة تظهر على أحمد ، و تتنفرج أساريره بعد أن ملأه الاحباط..و كيف لا يسعد و مصر ستحارب و تحرر إحدى البلاد الاسلامية المنكوبة؟..و أكمل سريعا المقال فى شوق ليرى أى البلاد سيتم تحريرها و مع من سنحارب؟.."
و المعركة الحاسمة اليوم مع أبطال كوت ديفوار "
ما هذا؟ هل أحتلت كوت ديفوار أحد الدول الاسلامية و هو لا يعلم؟..هل يعقل أن يحدث هذا؟..ملايين الأسئلة كانت تدور فى عقله و تنتظر الاجابة فأكمل ليعرف الاجابة.."
و تقام المعركة اليوم فى تمام الساعة التاسعة فى استاد القاهرة الدولى..و أخيرا نتمنى أن يوفق الله المنتخب المصرى لكرة القدم على نظيره الكوت ديفوارى فى هذه المبارة الهامة..."
انتهت المقالة و بعد أن انتهى من قراءتها ألقى الصحيفة على الأرض فى تقزز..و ظل يردد : كده كتير قوى..كده كتير قوى..
و بعد ساعاتان خرج ليصلى الجمعة..و بعد أن انتهت الصلاة و هو فى طريق عودته إلى البيت سمع صوت أحد الأشخاص يدعو طوال الطريق :" يا رب نجحنى..يا رب نجحنى.."
و كاد أحمد يصل إلى البيت و الصوت مازال مسموعا..فنظر ليرى من صاحب الصوت لعله يعرفه..و بالفعل كان أحد جيرانهم.. و بمجرد أن وجده أنه أحد جيرانه حتى ذهب له ليطمئن على أحواله..بعد أن تبادلوا السلام و هنأه جاره على العودة الحميدة إلى الواقع الأليم..سأله أحمد السؤال الذى يشغله :هو أنت بتحضر ماجستير و لا أيه؟
الجار : لأ..ليه بتقول كده؟- أصلى سامعك عمال تدعى أنك تنجح..
عندما سمع الجار هذا الكلام كاد يبكى و هو يقول :ياريت كان ماجستير..ده امتحان الكادر للأسف..أنا. .بعد كل الزمن ده.. امتحن..أنا مقلتش أن تجديد المعلومات وحش بس مش بالطريقة المهينة دى..بعد كل السنين اللى قضيتها فى التعليم !!..و تخيل لو سقطت هيبقى شكلى أيه قدام التلامذه؟..طب لو ..و
لم يستطع الرجل أن يكمل الكلام و كاد أن ينهار..و كانت حالته تصبح على هذا الشكل كلما يبدأ الحديث عن كادر المعلمين..و لم يستطع أحمد إلا أن يهدئه و يواسيه و يدعو له بالنجاح كما كان يفعل مع أبنائه عندما يكونوا على وشك دخول امتحان حتى وصلوا إلى العمارة ..و دخل كل منهم شقته
لينك الحلقة على الفيس بوك وآسفة على الاطالة:

هناك 8 تعليقات:

ضحكات الحياة يقول...

ههههههههههههههه
الراجل ده صعبان عليا
بس ايه جامد ربنا يوفقك ونعيش انا و انتى و نعرف الأستاذ الأحمد نهايته ايه
يا ريت العنوان بتاعه أكلمه علشان أساعده
شكراااااااااا

Rosie يقول...

تصدق و صعبان على كمان بس عامة نهايته قربت...
و إن شاء الله هانعيش و نعرف نهايته..
ياريت كنت اعرف عنوانه عشان اقولك..ههههه
شكرا لك

عايش... ولكن !!!! يقول...

انا هرجع اقرى من اول الحلقات احسن انا توهت وكمان اسلوبك حلو شدنى

Rosie يقول...

عايش و لكن
ماشى مستنياك و شكرا للتعليق و المرور

مصراوى يقول...

هااى زكل عام وانتى بخير انا اعجبنى عنوان مدونتك اوى دوامت الحياة والبس اجمل وعجبنى اوى تحياتى كل عام وانتى بخير

باجوجو يقول...

القصة شيقة جدا
وحكت الوضع الأليم بمعظم جوانبه
العالم عمال يتقدم وإحنا لست بنقول أجدادنا الفراعنة
كل سنة وانتى طيبة
تقبلى مرورى

Rosie يقول...

عالم الحب
كل عام و أنت بخير ايضا..
سعيدة أن المدونة و اسمها أعجبك..
أشكر مرورك و تعليقك...

Rosie يقول...

باجوحو
أشكرك و فعلا وضعنا أصبح أليم و إن شاء الله ينصلح الحال عن قريب..