الجمعة، 29 أغسطس 2008

رجاء..كفانا قتل لأنفسنا


كنت مسافرة فى أحد الأيام ، و لكن كان الخطأ الوحيد أن السفر كان يوم الخميس...و بالطبع يدرك كل مصرى ما معنى الخروج يوم الخميس فما بالك بالسفر؟...و كأن مصر كلها كانت تجلس معى بالمنزل و، و تفكر نفس التفكير، و قررت السفر فى نفس ذات الوقت....
انطلقنا و قلت لن تكون مشكلة كبيرة..الخميس ..الجمعة ....كلها أيام، و لكن اتضح لى العكس ..هناك أيام و هناك مواقيت مخصصة لتعذيب البشر و كان الخميس اليوم الأشهر..
من الوهلة الأولى لم أعرف الطريق من كثرة الازدحام، فقد كانت هذه هى المرة الأولى التى أسلك فيها هذا الطريق فى ذلك الوقت...أما الطريق الذى يفترض أنه مسمى طريق سريع فقد اصبح إذ فجاة الطريق السلحفاة..لن أقول كم هى السرعة التى كنا نسير بها لأ أنه لم توجد سرعة أصلا..و حقا إن معظم الأوقات يكون المبدأ الذى نسير به " لا تسرع و عد سالما "..-و هو بالطبع ليس مبدأى-، و لكن هناك فرق شاسع بين عدم الاسراع و عدم التحرك مطلقا..............
إذا فقد ظللنا فترة كبيرة هكذا بين التوقف و المشى البطىء -كل هذا على ما يسمى بالطريق السريع..و أنا فى أشد حالات السخط و الضيق و التأفف و التذمر...الخ...
و فى أحد هذه الوقفات الطويلة التى أنعمت علينا بها مصر فى طريق السفر..الوقفات التى تجعل الكل فى حالة مساوة..قائد المقطورة المجنون ، و قائد السيارة الهادىء إلى حد ما ، و قائد الميكروباس الذى لم يرزق بنعمة العقل مطلقا..الكل فى هذه الوقفات يقف متساوى مكتوف الأيادى مع فقد القدرة على القيام بأى حركة بهلوانية للهرب من الازدحام _أتحدث عن سائقى الميكوباس و أعاجيبهم بالطبع-...الكل ينتظر الفرج...
و قبل مجى الفرج فى أحد هذه الوقفات كانت أصوات آلات التنبيه للسيارات منطلقة على أشدها و كنا منهم للأسف ، فوجدنا من يشير لنا بيديه و يقول : روىء..روىء..أهم ماتوا أهم..لقد كانت الوقفة الطويلة بسبب حادثة و لم نكن نعرف بالطبع..و عندما نظرت وجدت سياراتان مهشماتان تماما ..وقفا فى سكون تام بعدما كانا منذ قليل يثيران جلبة كبيرة بسبب الاصطدم الرهيب..و كيف لا يكونا ساكنين و قد مات ركابهم؟..فى لحظة تهور انتهى كل شى..فى لحظة تذمر توقفت الحياة..
و حقا لم أرى من ماتوا و لكن إن كنت رأيتهم..فماذا كنت سأرى؟..اجساد ملقاة على قارعة الطريق غارقين فى دمائهم تماما مثل الشاه المذبوحة..و لكن الفرق الوحيد أنهم بشر..بشر ذبحتهم أيدينا و قتلهم تهورنا.. ..
كم ندمت فى هذا الوقت على ما كنت عليه! و كم هزتنى كلمات هذا الرجل البسيط.."أهم ماتوا أهم"..و جدتها يتررد صداها فى عقلى مئات المرات دون توقف...شعرت أن كيانى تزلزل عندما فكرت أن بلحظة تهور يمكن أن نكون السبب فى إنهاء حياة شخص برىء.....
نعم إن موت أى إنسان هو قضاء و قدر و مسالة ليس لنا أى دخل بها ، ولكننا أمرنا كذلك أن نأخذ بالأسباب..و عندما نفقد عقولنا و نبدأ فى قتل الآخرين نكون بالطبع قد ابتعدنا تماما عن الأخذ بالأسباب..
إن الشوارع المصرية بالفعل أصبحت تجسيد لحياتنا المعقدة، وكذلك السيولة المرورية أصبحت شبه مختفية و لكن هذا ليس مبرر اطلاقا أن نبدأ فى قتل أنفسنا..لذا فى كل مرة تكون فى الشارع قائد او سائر أو حتى راكب حاول ألا تفقد عقلك و أعصابك..و تذكر أنك فى لحظة تهور واحدة..فى لحظة اندفاع واحدة يمكن أن تتحول من إنسان كان رمز للرحمة إلى إنسان أصبح أداة للقتل
.............رجاء..كفانا قتل لنفسنا...................................

الكلام ده موجود على الفيس بوك و فى تعليقات و ده اللينك :

http://www.new.facebook.com/topic.php?topic=6430&post=35560&uid=9871316926#post35560

هناك تعليقان (2):

باجوجو يقول...

موضوع جميل
بس برده قانون المرور الجديد كان لازم ياخد باله من حاجه زى دى
مش كل عيل أبوه جابله عربيه نعمله رخصة
ربنا يستر ويكفينا شر الحوادث
تقبلى تحياتى

Rosie يقول...

شكرا للتعليق يا باجوجو......
.......المشكلة مش فى سن الى بيسوق ..المشكلة فى الشخص نفسه..
يبفى فاهم ان الحكاية مش لعبة..

الجمعة، 29 أغسطس 2008

رجاء..كفانا قتل لأنفسنا


كنت مسافرة فى أحد الأيام ، و لكن كان الخطأ الوحيد أن السفر كان يوم الخميس...و بالطبع يدرك كل مصرى ما معنى الخروج يوم الخميس فما بالك بالسفر؟...و كأن مصر كلها كانت تجلس معى بالمنزل و، و تفكر نفس التفكير، و قررت السفر فى نفس ذات الوقت....
انطلقنا و قلت لن تكون مشكلة كبيرة..الخميس ..الجمعة ....كلها أيام، و لكن اتضح لى العكس ..هناك أيام و هناك مواقيت مخصصة لتعذيب البشر و كان الخميس اليوم الأشهر..
من الوهلة الأولى لم أعرف الطريق من كثرة الازدحام، فقد كانت هذه هى المرة الأولى التى أسلك فيها هذا الطريق فى ذلك الوقت...أما الطريق الذى يفترض أنه مسمى طريق سريع فقد اصبح إذ فجاة الطريق السلحفاة..لن أقول كم هى السرعة التى كنا نسير بها لأ أنه لم توجد سرعة أصلا..و حقا إن معظم الأوقات يكون المبدأ الذى نسير به " لا تسرع و عد سالما "..-و هو بالطبع ليس مبدأى-، و لكن هناك فرق شاسع بين عدم الاسراع و عدم التحرك مطلقا..............
إذا فقد ظللنا فترة كبيرة هكذا بين التوقف و المشى البطىء -كل هذا على ما يسمى بالطريق السريع..و أنا فى أشد حالات السخط و الضيق و التأفف و التذمر...الخ...
و فى أحد هذه الوقفات الطويلة التى أنعمت علينا بها مصر فى طريق السفر..الوقفات التى تجعل الكل فى حالة مساوة..قائد المقطورة المجنون ، و قائد السيارة الهادىء إلى حد ما ، و قائد الميكروباس الذى لم يرزق بنعمة العقل مطلقا..الكل فى هذه الوقفات يقف متساوى مكتوف الأيادى مع فقد القدرة على القيام بأى حركة بهلوانية للهرب من الازدحام _أتحدث عن سائقى الميكوباس و أعاجيبهم بالطبع-...الكل ينتظر الفرج...
و قبل مجى الفرج فى أحد هذه الوقفات كانت أصوات آلات التنبيه للسيارات منطلقة على أشدها و كنا منهم للأسف ، فوجدنا من يشير لنا بيديه و يقول : روىء..روىء..أهم ماتوا أهم..لقد كانت الوقفة الطويلة بسبب حادثة و لم نكن نعرف بالطبع..و عندما نظرت وجدت سياراتان مهشماتان تماما ..وقفا فى سكون تام بعدما كانا منذ قليل يثيران جلبة كبيرة بسبب الاصطدم الرهيب..و كيف لا يكونا ساكنين و قد مات ركابهم؟..فى لحظة تهور انتهى كل شى..فى لحظة تذمر توقفت الحياة..
و حقا لم أرى من ماتوا و لكن إن كنت رأيتهم..فماذا كنت سأرى؟..اجساد ملقاة على قارعة الطريق غارقين فى دمائهم تماما مثل الشاه المذبوحة..و لكن الفرق الوحيد أنهم بشر..بشر ذبحتهم أيدينا و قتلهم تهورنا.. ..
كم ندمت فى هذا الوقت على ما كنت عليه! و كم هزتنى كلمات هذا الرجل البسيط.."أهم ماتوا أهم"..و جدتها يتررد صداها فى عقلى مئات المرات دون توقف...شعرت أن كيانى تزلزل عندما فكرت أن بلحظة تهور يمكن أن نكون السبب فى إنهاء حياة شخص برىء.....
نعم إن موت أى إنسان هو قضاء و قدر و مسالة ليس لنا أى دخل بها ، ولكننا أمرنا كذلك أن نأخذ بالأسباب..و عندما نفقد عقولنا و نبدأ فى قتل الآخرين نكون بالطبع قد ابتعدنا تماما عن الأخذ بالأسباب..
إن الشوارع المصرية بالفعل أصبحت تجسيد لحياتنا المعقدة، وكذلك السيولة المرورية أصبحت شبه مختفية و لكن هذا ليس مبرر اطلاقا أن نبدأ فى قتل أنفسنا..لذا فى كل مرة تكون فى الشارع قائد او سائر أو حتى راكب حاول ألا تفقد عقلك و أعصابك..و تذكر أنك فى لحظة تهور واحدة..فى لحظة اندفاع واحدة يمكن أن تتحول من إنسان كان رمز للرحمة إلى إنسان أصبح أداة للقتل
.............رجاء..كفانا قتل لنفسنا...................................

الكلام ده موجود على الفيس بوك و فى تعليقات و ده اللينك :

http://www.new.facebook.com/topic.php?topic=6430&post=35560&uid=9871316926#post35560

هناك تعليقان (2):

باجوجو يقول...

موضوع جميل
بس برده قانون المرور الجديد كان لازم ياخد باله من حاجه زى دى
مش كل عيل أبوه جابله عربيه نعمله رخصة
ربنا يستر ويكفينا شر الحوادث
تقبلى تحياتى

Rosie يقول...

شكرا للتعليق يا باجوجو......
.......المشكلة مش فى سن الى بيسوق ..المشكلة فى الشخص نفسه..
يبفى فاهم ان الحكاية مش لعبة..